حللت أهلا ونزلت سهلا
سعداء بتواصلك معنا
وننتظر ابداعاتك
بحول الله
حللت أهلا ونزلت سهلا
سعداء بتواصلك معنا
وننتظر ابداعاتك
بحول الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
 في منهج فهم الحديث الشريف3 Ouoous10  الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  دروسدروس    

 

  في منهج فهم الحديث الشريف3

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
omar2014
عصو ذهبي
عصو ذهبي



عدد المساهمات : 499
نقاط : 9037
تاريخ التسجيل : 01/01/2014

 في منهج فهم الحديث الشريف3 Empty
مُساهمةموضوع: في منهج فهم الحديث الشريف3    في منهج فهم الحديث الشريف3 I_icon_minitimeالأربعاء يناير 01, 2014 2:12 pm

والحال مع مثل هذه الأحاديث عند البعض أن يتسرع فيرد الحديث بمجمله أو يلغي العمل به بسبب تلك الملابسات، فيكون مكذبا لحديثٍ صحيح أو مقبول لا يجوز تكذيبه. الأمر الذي قد يُشعل غيرة البعض الآخر على سنة رسول الله، فتبدأ المعارك الكلامية، ويكثر اللغط واللجاج، وما ذلك إلا لقلة البضاعة التي تمكن من العودة إلى تحليل الحديث وظروفه وملابساته، بحيث يُفهم الفهم الواعي، ويوضع في مكانه الصحيح.

إن عودة تحليليةً إلى أصل الحديث تُظهر أن المقصود به لا علاقة له بموضوع الإقامة في بلاد المشركين من قريب أو بعيد. فالحديث قاله - صلى الله عليه وسلم - لبعض الصحابة الذين جاؤوا يطلبون الدية منه لأقرباءَ مسلمين لهم كانوا قد قتلوا بأيدي المسلمين في غزوة بني المصطلق. فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - ذلك قاصداً أنه بريء من الدم والدية لهؤلاء المسلمين الذين لم يعلم بوجودهم بين أظهر المشركين أصلا، فالبراءة في الحديث براءة من الدية والدم، والحالة تتعلق بأفراد من المسلمين الذين يقيمون مع قوم هم في حالة حرب معلنة مع جماعة المسلمين، ولو علم الرسول بوجودهم لربما تغير وجه المعركة (فربما كان من الممكن أن يستفيد منهم في عملٍ من الداخل). وواضح بعد هذا البيان أن من التعسف أخذ هذا الحديث، واستخراج مثل تلك (الفتوى) منه بغرض تعميمها في مجال الإقامة في غير بلاد المسلمين. بينما كان الأَولى - على الأقل - تخصيصُهُ بالحالات المشابهة لتلك الحالة، أو اعتباره واحدا من منظومةٍ متكاملة من الأحاديث التي تتعرض لهذا الشأن، والتي يمكن من تحليلها جملة، استخراج ملامح الهدي النبوي في هذا الشأن الحساس.

مثال آخر هو أحاديث الربا. فقد ورد ما يقارب من ثلاثة وسبعين حديثا عن الربا، من أشهرها حديث عبادة بن الصامت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الذهب بالذهب يداً بيد، هاءً بهاء، سواءً بسواء، والفضة بالفضة يداً بيد، هاء بهاء، سواء بسواء... الخ"(9). هذا الحديث في ظاهره يدعو إلى التساؤل: هل من المعقول أن يشتري الإنسان فضة بفضة أو شعيراً بشعير بحيث يكونا متماثلين تماما بالكمية والنوعية؟ ما الفائدة من ذلك؟ وأي معنى في أن يحمل الإنسان مثلا كيسا من الأرز من نوع معين إلى إنسان آخر ليقايضه بكيس مقابلٍ يحوي الكمية نفسها والنوعية نفسها من الأرز؟؟.. هذا ونحن نعلم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أحكم الناس، ولا يمكن أن يأمر بشيء إلا وفيه الحكمة كلها. فكيف يأمر بشيء لا فائدة للناس من عمله؟ إن التساؤل لا يزول إلا بجمع الأحاديث الواردة في هذا الباب بغية تحليلها وفهمها مجتمعة. وبهذه الممارسة نجد في هذه الأحاديث قوله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ حين جاءه بتمر جنيد (أي تمر منقى): "هذا التمر جيد من أين جئت به؟ فقال معاذ: يا رسول الله بعت صاعين من الجمع بصاع من هذا التمر لطعامك. فقال - عليه الصلاة والسلام -: أوه، عين الربا، فلا تفعل، ولكن بع الجمع بالدراهم واشتر بالدراهم جنيدا"(10).

إن تدبر هذا الحديث يزيل الإشكالية المذكورة أعلاه نهائيا، وذلك حين نستشفُّ منه أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يعمل على تغيير النظام الاقتصادي في المدينة من نظام يقوم على المقايضة إلى آخر يقوم على الوسيط النقدي، لأنه لا يمكن أن تُبنى حضارة ويقوم عمران، بنظام المقايضة. ولنا أن نتصور حياة يقوم فيها الناس ليل نهار بحمل أكياس من الخضار والفواكه لاستبدالها بالملابس والأغراض، أو دفعها مقابل الخدمات وغير ذلك من الأمور.. وحيث أن الرسول - عليه الصلاة والسلام - ليس من الثوريين الذين يغيرون مسيرة الحياة بالقرارات الثورية المباشرة، أو بالمراسيم الجمهورية والملكية، فقد ارتأى التدرج مع الناس بما علمه الله من الحكمة. فلم يمنع أن يتبادل الناس بالمقايضة إذا كانت السلع مختلفة (أرزاً بحنطة، أو سمناً بشعير)، وكذلك لم يمنع من المقايضة لنفس السلع ولكن بشرط أن يكون هناك تماثل كامل في هذا المجال، بحيث يصبح ربا الفضل غير معقول، ويُعرضُ الناس عنه إلى البديل النقدي مع الأيام.

وهكذا نجد أنه إذا نظر الإنسان إلى حديث الذهب بالذهب وحده، لربما قال: إن من المستحيل أن يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - هذا الحديث، لأنه لا فائدة البتة من هذه المقايضة، فيكون قد كذّبَ حديثاً صحيحاً أو مقبولا. ولكن عندما يأخذ مجمل الأحاديث التي جاءت في شأن الربا ويدرسها متكاملة، يدرك حكمة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في محاولته لنقل الناس تدريجيا إلى نظام اقتصادي نقدي.

إن مثل هذه الأمثلة توضح كيف يمكن قراءة الحديث النبوي الشريف قراءة واعية تساهم في تحقيق خلافة الإنسان على هذه الأرض وإعمارها، دون تعسف في اشتقاق الأحكام والفتاوى منها من جهة، ودون استعجال في ردها أو تكذيبها من جهة أخرى. إلا أن المؤسف أن كثيرا من الناس غير المؤهلين يتعاملون مع السنة بهذا الشكل الجزئي، الأمر الذي يجعل تكذيب الأحاديث أسهل طريق لديهم، لأنهم لا يدركون كيف قيلت ولم قيلت. الأمر الذي يظهر مدى الحاجة الماسة لدينا إلى كثير من الوعي والحذر والدراية في تعاملنا مع السنة الشريفة.

وفي الوقت نفسه، فإن من أشد الأمور لزوما وضرورة في منهج التعامل مع السنة أن نربطها بالقرآن، وإلاّ وقعنا في إشكالية أخرى، ألا وهي نسخ آيات القرآن الواضحة الصريحة البينة ببعض الأحاديث. فنحن نعرف مثلا أن الله جلّ شأنه اعتبر حرية الاختيار هي الأمانة: إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا (الأحزاب: 72). وقال في حرية الاختيار: لا إكراه في الدين (البقرة: 256). وهناك ما يقارب من مئتي آية في القرآن تؤكد هذا المعنى. قال - تعالى -: ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمسُ والقمرُ والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء (الحج 18). فبعض الناس يسجد وبعضهم لا يسجد، بخلاف بقية المخلوقات التي ليس لها خيار إلاّ أن تسجد. والمشكلة تظهر حين يرى البعض أن كل هذه الآيات منسوخة بحديث رووه عن نافع - وهو غلام ابن عمر - رضي الله عنه - قال فيه: "إنما كان هذا والإسلام ضعيف، ولكن حينما بسط الإسلام جرانه فلا يقبل من الناس إلا الإسلام أو السيف"!!.. ومثل ذلك ما يراه ابن حزم (وهو من عباقرة هذه الأمة) من أن لا إكراه في الدين (البقرة: 256) منسوخةٌ بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من بدّل دينه فاقتلوه"(11).

والواضح أن هذا الحديث قيل في المجتمع الإسلامي الناشئ، الذي حاول بعض اليهود والنصارى أن يخترقوه من داخله ثم يخرجوا عليه في عملية حربية نفسية بالغة الإيذاء والخطورة، وتتصف بالغدر والخيانة. وقد قال الله جل شأنه عن هؤلاء: وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أُنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون (آل عمران: 72). ولذلك كان الحكم صارما ضد من يحاول أن يضرب هذا الدين ويقوضه من داخله. فعندما توجد مثل هذه الحالة يطبق مثل هذا الحكم. مع أن من المهم أن نعرف أن المقصود من العقوبة ليس إكراههم على الرجوع إلى الدين وإنما إكراههم على الرجوع إلى الجماعة. كما تجب الإشارة إلى أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يعرف المنافقين بأسمائهم، بل كان المسلمون جميعا يعرفون اسم زعيمهم ابن سلول، لكنه - عليه الصلاة والسلام - لم يفعل لهم شيئا، ولم يقتلهم أو يُقم عليهم حد الردة، وفي هذا ما فيه من المعاني المتعلقة بهذا الموضوع. وكذلك فإن الله جلّ شأنه رتب عقوبة أخروية على الردة ولم يرتب عقوبة دنيوية فقال: ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة (البقرة: 217) وقال: يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه (المائدة: 54).

ونحن إذا انتقدنا ذلك الاتجاه الخطير الأول إلى إنكار السنة أو إلغائها، فإننا نرى أن الأخطر من ذلك هو نفي قيم القرآن الكبرى الحاكمة، ونسخ آياته الصريحة الواضحة بهذا الشكل المتسرع. والحل في الأمرين هو إيجاد منهجية علمية لفهم الحديث النبوي، تتجاوز النظر إلى كل حديث بمفرده وكأنه كيان مستقل منفصل تُستخرج منه الأحكام، لأن تعدد الأحاديث في الموضوع الواحد يمكن أن يؤدي إلى تعدد الدلالات، التي يمكن أن يكون بعضها متضاربا، الأمر الذي سيدفعنا بعد ذلك إلى الادعاء بأن البعض ناسخ والآخر منسوخ، أو أن البعض متقدم والآخر متأخر.. وهكذا.. بحيث نقوم بعملية تقطيع ظالمة للسنة النبوية، إما أن تكون نتيجتها تشويه معالم الهدي النبوي الأصيلة الشاملة، أو إضاعة أجزاء واسعة ومقدرة منه.

إن من المعروف على سبيل المثال أن الإمام الطبري يصف الإمام أحمد بأنه محدث وليس فقيها. ففي بعض المسائل يجد الباحث أن للإمام أحمد أربعة وعشرين قولا، كما في كتاب "الإنصاف في مسائل الخلاف". وعلى القارئ أن يختار من بين هذه الأقوال. ولقد قيل للإمام: "يا أبا عبد الله، كيف هذا؟ فقال: ما دام الحديث قد صح عندي فأقول بمقتضاه لا يهمني بعد ذلك شيء". فهذا منهج الإمام أحمد، يتبعه حتى لو تعارضت دلالات الأحاديث، وتعددت - أو تضاربت - الفتاوى إلى درجة كبيرة، لأنه يرى في ذلك أمانة وخروجا من الشبهة. وبدلا من هذا المنهج الذي اجتهد به الإمام أحمد، والذي لا يمكن أن نلزم عموم الأمة به، فإن من الممكن الانتقال إلى منهج يقوم على جمع الأحاديث المتعلقة بالموضوع الواحد، بحيث يتضح الرابط المنهجي بينها، تمهيدا لترتيبها زمنيا ودراسة أسانيدها للتأكد من مدى صحتها، ثم دراسة متونها وتحليلها للتأكد من عدم وجود شذوذ أو علل قادحة فيها، وذلك بغية الاستنباط منها في نهاية هذه العملية البحثية المنهجية.

وبغير هذه المنهجية، سيظل التعامل مع السنة النبوية الشريفة قاصرا في الاتجاهين، عن الإحاطة بالمنهج النبوي في الحياة والحركة والعمل والدعوة، وسنرى شرائح من الناس تنكر الحديث النبوي، أو تختار منه ما يروق، وتدع ما لا يروق. وليس الأمرُ أمرَ تنازلٍ لمثل هؤلاء كما قد يظن بعض السذج في هذه الدعوة إلى المنهاجية، وإنما هو إشفاقٌ على البشرية من ضياع هذا الكنز النبوي، أو تشويهه وتغيير ملامحه الأصيلة، فلا يعودَ بعد ذلك تلك المحجة البيضاء التي تركنا عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والتي أعلمنا أنه لا يزيغ عنها إلا هالك.

----------------------------------------

1 انظر الموطّأ: 9، 89.

2 يُراجع الكشّاف للزمخشري 2 / 121 - 122. طبعة طهران بدون تاريخ.

3 رواه الإمام مالك في الموطأ.

4 رواه ابن ماجة في السنن.

5 رواه البخاري في كتاب الأنبياء.

6 المسند لأحمد بن حنبل: 162، 192.

7 المسند لابن حنبل: 91، 163.

8 البيهقي: 8: 31 - ابن كثير: 4: 41 - القرطبي: 8: 63.

9 مسلم: 73: 1211 - الدارمي: 2: 258.

10 البخاري: 3: 133.

11 البخاري:4: 75.


المصدر:
الكـاتب : طه جابر فياض العلواني
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
في منهج فهم الحديث الشريف3
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: اسلاميات :: حديت-
انتقل الى: