السلام يقول الله تعالى: ((وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)) [البقرة7] ((رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)) [البقرة8] ((رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ)) [البقرة9].
إن هذه الدعوات تلفت النظر إلى معنى دقيق وجليل، فإبراهيم عليه السلام وهو يقيم البيت، ولم يكتمل بناء البيت بعد، ولم يفرغ هو من بناءه، شغل نفسه، وأهم قلبه مآل البيت من بعده، وما سيكون عليه حال بيت الله الحرام عبر السنين الطوال، من خلال الأجيال المتعاقبة من أبناء هذه الأمة التي شاء الله تعالى أن ينيلها شرف حراسة البيت ورعايته والقيام على شأنه. وكأنه عليه السلام نظر بنور النبوة من خلال آلاف السنين، فاخترق سجف المستقبل، فرأى ما سيؤول إليه أمر البيت من بعده، من وقوعه في أسار المشركين الوثنيين الصنمين، واتخاذهم إياه بيتاً لأصنامهم وأوثانهم، فابتهل إلى الله تعالى أن ينجي ذريته من الظلال بأن يجعلها أمة مسلمة، وأن ينجي بيته الحرام من أن تدنسه ضلالات الشرك والوثنية وذلك بأن يبين للناس مناسكهم التي منها حفظ حرمة البيت، وإخلاص العبادة فيه لله رب العالمين.
===============
المصدر: بوابة الحرمين